تنفق الوكالة الأميركية لإنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، والتي تقود حملة الرئيس دونالد ترامب المتشددة ضد المهاجرين، عشرات ملايين الدولارات على الأسلحة والذخائر والدروع الواقية وأنظمة المراقبة، في مستويات إنفاق ضخمة، بحسب ما أظهرت سجلات مشتريات حكومية اطلعت عليها وكالة فرانس برس.
وتشير البيانات إلى أن الوكالة، المكلفة ترحيل أعداد غير مسبوقة من المهاجرين غير النظاميين، آخذة في التحول بحسب منتقديها، إلى قوة شبه عسكرية، بميزانية تضاهي أو تتجاوز الإنفاق العسكري لعدد من الدول الصغيرة.
ويظهر أن الإنفاق في هذه المجالات يفوق بكثير مستوياته خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن وحتى الولاية الأولى لترامب.
ومنذ تولي ترامب منصبه في 20 كانون الثاني/يناير، أبرمت الوكالة عقود مشتريات تتجاوز 70 مليون دولار في فئة "صناعة الأسلحة الصغيرة والذخائر ومستلزماتها".
في المقابل، أنفقت الوكالة بين 20 كانون الثاني/يناير و20 تشرين الأول/أكتوبر 2024 نحو 9,7 ملايين دولار فقط على الأسلحة الصغيرة وملحقاتها.
تظهر السجلات أن عمليات الشراء الواسعة للمعدات والذخائر تجري بالتوازي مع موجة إنفاق كبيرة على برمجيات المراقبة والتعقب.
واشترت خلال الأشهر التسعة الأولى من الولاية الثانية لترامب برمجيات من "ماغنت فورنسيكس" و"سيليبريت" لتحليل بيانات الهواتف، ومن "بينلينك" لتتبع بيانات الموقع الجغرافي لمئات الملايين من الهواتف المحمولة.
يضاف إلى ذلك عقد بقيمة 30 مليون دولار مع شركة "بالانتير" لتطوير نظام يعرف باسم "إيميغرايشن أو أس"، وهو منصة متكاملة تهدف إلى تعقب المهاجرين غير النظاميين وتحديد أولئك الذين هم في طور العودة الطوعية إلى بلدانهم الأصلية.
وفي الفترة نفسها، أعادت الوكالة أيضا تفعيل عقد بقيمة مليوني دولار مع شركة "باراغون" الإسرائيلية،المتخصصة في تطوير برامج التجسس.
وكان هذا العقد قد وضع قيد المراجعة خلال إدارة بايدن، بعد صدور مرسوم رئاسي عام 2023 يحظر شراء برامج تجسس قد تشكل خطرا على الأمن القومي الأميركي.
- مراقبة على مدار الساعة -
تسعى الوكالة حاليا إلى توسيع قدراتها في رصد وسائل التواصل الاجتماعي، إذ نشرت في تشرين الأول/أكتوبر طلب عروض لإنشاء مركز مراقبة يعمل على مدار الساعة ويضم نحو 30 محللا لجمع "معلومات فورية وحيوية حول الأشخاص" من النشاطات المنشورة عبر الإنترنت.
ورغم أن عمليات المراقبة تؤدي دورا مهما في إنفاذ القانون، عبر المدافعون عن الحقوق الرقمية منذ فترة طويلة عن مخاوفهم من حجم البيانات التي تجمع في عصر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال كوبر كوينتن، وهو خبير تقني بارز في منظمة "إلكترونيك فرونتيير فاونديشن" المعنية بالحقوق الرقمية، إن المراقبة الواسعة النطاق لوسائل التواصل الاجتماعي تهدد الحق في حرية التعبير.
وأضاف كوينتن لفرانس برس "إذا علم الناس أن وكالة الهجرة تراقب وسائل التواصل الاجتماعي وتبحث عن أي شخص يظهر ولاء ما لبلده الأصلي، فإن ذلك سيجعلهم يترددون في التعبير عن آرائهم علنا".
وأوضح أن إمكان شراء البيانات من أطراف ثالثة يعني أن الوكالات يمكنها مراقبة أعداد هائلة من الأشخاص من دون الحصول على أي إذن قضائي.
ولم ترد الوكالة الأميركية على طلب وكالة فرانس برس للتعليق.
- ميزانية متضخمة -
أصبح تمويل مشتريات وكالة الهجرة والجمارك الأميركية ممكنا بفضل تدفق كبير للأموال التي خصصت لها في آخر ميزانية أقرها الكونغرس.
فقد منح الكونغرس ذو الغالبية الجمهورية في تموز/يوليو الوكالة ميزانية تشغيلية قدرها 75 مليار دولار على أربع سنوات، أي بمعدل 18,8 مليار دولار سنويا، وهو ما يعادل نحو ضعف ميزانيتها التشغيلية السابقة البالغة 9,6 مليارات دولار في السنة المالية 2024.
ورغم أن عددا من الوكالات الحكومية الأميركية يعمل بقدرات محدودة بسبب الإغلاق الحكومي، فإن وكالة الهجرة ووزارة الأمن الداخلي لم تتأثرا إلى حد كبير.
لكن متحدثا باسم الوكالة أكد لوسائل إعلام أميركية أن مكتب الإشراف على مراكز الاحتجاز، وهو الجهة المسؤولة عن مراقبة معايير تلك المراكز، قد أغلق.
.jpeg)